قصص

انبوب الموت

عارف لما تبقى الحاجة بدون قيمة وارتباط اسمك بيها بيديها قيمة، لو عارف، يبقى هتوفر عليا في الشرح كتير، وقبل ما أخش في التفاصيل، لازم تعرف معلومة مهمة جدا، هي وإني يوتيوبر، بطلع لايفات في أماكن عمرك ما سمعت عنها، ومش عشان الأماكن دي مالهاش لازمة لأ، عشان مافيش اسم كبير ارتبط بيها وخلاها بالشهرة اللي تستحقها، بس استنى لحظة، أنا أقصد بالأماكن دي المهجورة منها، ومش شرط يكون فيها أشباح، لإن ضلمة المكان هتديك الإيحاء اللي ينجح أي لايڤ، وبس كده، دي كانت ملحوظة بسيطة لازم أبتدي بيها، عشان المكان اللي أنا هحكيلكوا عنه النهاردة، مش هتصدقوا انه موجود فعلا، والمكان ده يبقى ديزني مصر، أو زي ما لقبوه، حلم ديزني.

**

القصة بدأت لما جتلي رسالة على الصفحة عندي، فتحت الرسالة لقيتها من شخص مجهول وكاتبلي فيها الأتي..(لو بتدور على شو جديد، يبقى مكانك عندي، مدينة الأحلام، واللوكيشن هتلاقيه في البايو على صفحتي، وعشان تصدقني، ممكن تعمل السيرش بتاعك، وقتها بس هتتحرك في أسرع وقت، بس ماتنساش، لو اللايڤ ضرب، هيبقى له ضريبة).. ودي كانت الرسالة، بس أنا مافهمتش أخر جملة منها، وعلى الرغم من كده، إلا إني سمعت كلامه وعملت سيرش عن المكان، ووقتها لقيت كام مقالة على جوجل، اجدد واحد فيهم من حوالي خمس سنين، أما بقى المكان ذات نفسه، فهو اتبنى أخر التمانينات، وافتتحوه أوائل التسعينات، يعني من حوالي 30 سنة، والمكان ده يبقى اسمه مدينة الأحلام، ومدينة الأحلام دي تبقى أكبر ملاهي في الشرق الأوسط وقتها، وعشان حجمها، كانوا بيسموها ديزني مصر، أو حلم ديزني، اختصار للحلم اللي كان بيحلمه صاحب المدينة قبل ما يبنيها، وبعد ما اتبنت، بقى بيجيلها ناس كتير من كل المحافظات، والسعة الكاملة للمدينة ماكانتش بتنقص يوميا، يعني حتى أيام الشغل العادية، المدينة كان بيبقى ليها جمهور يملاها، لحد ما حصلت مشاكل والمدينة اتقفلت بعد سنة واحدة بس من افتتاحها، وكمان مكتوب ان كان في ظاهرة غريبة ومالهاش تفسير، ماحدش كان ذاكر عنها حاجة في أي مقالة من المقالات، كل اللي مكتوب ان المدينة من وقتها وهي مسكونة بالأشباح، لدرجة إن صحابها نسيوها وحتى الناس كمان ماسألوش عليها، وبس كده، دي المعلومات اللي لقيتها في الكام مقالة اللي على جوجل، أما دلوقتي، فجت اللحظة المنتظرة، اللحظة اللي بيستناها كل واحد فيكوا، وهي مغامرة جديدة، تحت عنوان “حلم ديزني”.. ولإني اتحمست للموضوع، جمعت حاجتي في شنطة وقررت أتحرك في نص الليل، الوقت اللي الناس قاعدة فيه جوة بيوتها والأشباح منطلقين وسط ضلمة الليل، وتحت ضوء القمر، وطالما الحاجات دي كلها متجمعة مع بعض، يبقى أنا هكسر حاجز مشاهداتي القديم، وهو خمسة مليون واحد في اللايڤ، وأظن حدث زي اللي أنا هبقى موجود فيه بعد ساعات، يستحق رقم أكبر من ده الضعف، وعشان نتأكد من معلومة زي دي، يلا بينا نخوض تجربتنا كاملة.

بعد ما جمعت كل أدواتي في شنطتي، حطيتها في العربية وطلعت على لوكيشن المكان، ولإنه بعيد شوية وف حتة مقطوعة، خدت وقت بسبب سواد الليل اللي أنا ماشي فيه، لحد ما أخيرا وصلت المكان، وقتها لقيت نفسي قدام بوابة ضخمة ومكتوب عليها مدينة الأحلام، دخلت بالعربية وبصيت حواليا، لقيت نفسي جوة ملاهي مهجورة، العناكب عامله عشش ضخمة على الألعاب، واللي بالمناسبة مش غريبة علينا، وفي كتير مننا لعبها وهو صغير، زي الفنجان والدولاب، بس الجديد واللي بالنسبالي كان سبب لتسميتها ديزني، هي البيوت اللي في كل حتة داخل المدينة ومتسمية بأسامي مختلفة، حاجة شبيهة للي بيحصل جوة ديزني، لكن اللي جه على بالي وقتها حاجة تانية خالص، هو وإن ازاي الناس كانت بتقطع المسافة دي كلها، وايه السبب اللي يخليهم يجوا هنا بالحماس ده كله، مع إنها يعني ملاهي زي أي ملاهي الواحد شافها، الفرق إنها اكبر أضعاف أضعاف عن اي ملاهي تانية، بس مش مهم، المهم دلوقتي أعمل اللي أنا جاي عشانه، وهو إني أفتح لايڤ وأطمن الناس عليا، وكمان أخليهم يخوضوا التجربة الجديدة دي معايا، وفعلا، طلعت ادواتي وشغلت اللايف، وف ظرف عشر دقايق العدد وصل مليون، أصلي في الكام ساعة اللي فاتوا عملت دعاية واسعة، ومن الواضح انها جابت نتيجتها، ودلوقتي عايزين نخش حاجة مميزة تجذب الناس اكتر، لكن بطرف عيني الشمال، شوفت منظر عرفني سبب حب الناس للمدينة، وهي زوحليقة ضخمة نازلة من بيت اسمه بيت الأحلام، البيت ده بنطلعله سلالم طويلة، وقبل السلالم فيه زجزاج عشان يستوعب طوابير طويلة، وفي اللحظة دي عرفت أنا هعمل ايه، حتى اللي بيتابعوني على اللايڤ عرفوا أنا وجهتي الجاية فين، لكن قبل ما أدخل بيت الأحلام، لمحت حاجة بتجري قصادي، في البداية افتكرت انه بيتهيألي، لكن الكومنتات اللي على اللايف أكدتلي اللي شوفته، وبدل ما كان اللي بيتفرجوا مليون، بقوا تلاتة وقربوا على الأربعة، وفي وسط الكومنتات لقيتهم بينصحوني أهرب، وإن الموضوع شكله مش خير، لكن برضه في كومنتات تانية بتقولي أكمل، وإنهم عايزين يعرفوا السر ورا المكان ده، بس في النهاية أنا لا سمعت لدول، ولا حتى لدول، أنا سمعت لعدد المشاهدات اللي على اللايف، ومشيت ورا إني هكسر الرقم القياسي، وفعلا، طلعت السلالم بعد مجهود ودخلت جوة بيت الأحلام ولقيته مقسوم اتنين، زحليقة عنكب، وأنبوب السعادة، لكن واضح إن أنبوب السعادة كان له حظ أحسن من زحليقة عنكب، لان بعد الطوابير الطويلة تحت، فيه زجزاج تاني أطول جوة بيت الأحلام، من الأخر كده اللي بيجي هنا، وعايز يلعب اللعبة دي، مايعملش حسابه إنه هيلعب لعبة تانية معاها… ودلوقتي، نيجي بقى لوصف اللعبة، وهو بسيط وواضح من اسمها، لإن اللعبة عبارة عن كذا أنبوب شفافين، كل أنبوب منهم يكفي انسان ضخم، طالع منهم كلهم خرطوم متوصل بأنابيب تانية، ومن البديهي إن اللي بيخش جوة الأنبوب بيتفتح باب من تحتيه، بعدها بينزل على الزحليقة الضخمة، لكن ايه المميز في لعبة زي دي؟.. وايه اللي خلاها مميزة أكتر من لعبة زحليقة عنكب؟.. مش عارف الصراحة:

-كل حاجة وليها سبب، بس انت اللي ماكنتش عايش معانا وقتها.

الصوت ده كان صوت راجل جاي من ضهري، لفيتله وأنا مرعوب، وقتها شوفت قدامي شخص طبيعي، لابس لبس ظابط، لكنه قديم شوية:

-صالح الغنيمي؟.. مش كده؟

-انت عرفت اسمي منين؟.. وايه اللي انت لابسه ده؟

-كل حاجة هتعرفها في وقتها، بس هتعرفها.. انت وبس.

قبل ما يخلص كلامه اللايڤ فصل، حاولت أفتحه، لكن المكان فوق كانت شبكته ضعيفة، ومش من دلوقتي، لأ ده من وقت ما دخلت، بس انا اللي اتلهيت من المنظر، وفي اللحظة دي الخوف والذعر اتملكوا قلبي، وعشان كده خدت بعضي ومشيت، لكن قبل ما اطلع برة مالقتش الباب، كإنه فص ملح وداب، والشخص اللي كان بيكلمني من لحظات لقيته واقف قصادي:

-مش هينفع تمشي يا صالح، على الأقل قبل ما تعرف انت وانا هنا ليه.

-طب أنا هنا ليه وعارف، اما انت بقى، ف هنا ليه، دي حاجة ماتخصنيش، لكن اللي انا عايز اعرفه، هو ايه اللي بيحصل هنا بالظبط؟

-مش هتفرق صيغة السؤال، عشان كلهم هيودوك لنفس البداية، وهي.. أنا هنا ليه، وقبل ما تقاطعني، اسمعني…

**

الموضوع ابتدى لما كنت قاعد في مكتبي ودخل عليا عسكري من العساكر وهو حزين، وعشان أنا كنت بعتبرهم زي اخواتي، سألته مالك:

-ايه يا منصور، مالك.. قالب وشك علينا ليه، ده حتى فال وحش على الصبح.

-والله يا باشا ما اقصد، بس الحزن اللي الواحد حاسس بيه صعب، بالذات يعني لما يبقى الموت فجأة.

-الله، وانت هتكفر بالله ولا ايه يا منصور؟ وهو الموت ايه غير انه بيجي فجأة.

-مش القصد يا عبدااله باشا، القصد إن ابن عمي ومراته وابنه الكبير، ماتوا هم التلاتة في نفس الاسبوع، ومش بس كده، ده في منهم اللي مات في الـ إنعاش، وفي اللي مات في بيته وعلى سريره من غير ما حتى يدي أي إنذار، ومابقاش فيه غير البت نعمة، اتيتمت وهي لسه في اللفة، وماحدش عالم ايه اللي هيجرى تاني.

-بس ده عمر يا منصور، وماحدش يقدر يعمل حاجة للموت، وهم كده خلاص، خلصوا رسالتهم على الأرض، ومايجوزش عليهم غير الرحمة.

-ونعمة بالله با باشا، هنعمل ايه بقى، اللي في ايدينا عملناه ومانفعش.

-ماشي، خدلك أنت اجازة يومين ريح فيهم اعصابك، وبعدها ارجع الشغل عادي.

-لا يا باشا، ماينفعش طبعا، عبد الرحمن وسليمان واخدين اجازة، والقسم محتاجني هنا، ولو على الموت، فالحزن في القلب، هم عودونا كده في الصعيد، بس انا اللي قلبي مسوحني.

-لا مسوحك ولا حاجة، ليك حق تزعل وتضايق كمان، انت بس ماتشلش جوة قلبك لا يجرالك حاجة انت كمان، ووقتها مش هلاقي حد أطلع عليه عصبيتي.

-والله يا باشا على قد ما انت عصبي، لكن قلبك طيب والواحد بيرتاح في الحكاوي معاك، بتفكرني بستي في البلد، كانت زيك، عصبية وماحدش يقدر يقف قصادها، بس دماغها توزن بلد.

-جرا ايه يا منصور، انت خدت عليا اوي.. مش كده.

نفض جسمه وقالي:

-اسف والله يا باشا، انا بس ارتاحت معاك في الحكي شوية.

-يا راجل انا بهزر، مايبقاش قلبك خفيف كده، ويلا، روح شوف بتعمل ايه، انا قضية المدني شغلالي دماغي وعايز اروقلها شوية.

وقتها جيت اطلع سيجارة من العلبة، لقيتها خلصت، فمنصور من نفسه قالي:

-طب هروح أنا اجبلك علبة غيرها يا باشا.

-جدع يا منصور، خد بس الفلوس دي، ولما تيجي ابقى حاسبني.

-عينيا يا باشا.

خرج منصور وأنا قعدت قدام ورق القضية بفكر، أصل كل حاجة بتقول ان البت اللي ماتت، هي هي القاتل، وده لانها ماتت بنفس السلاح اللي اتقتل بيه القتيل، معنى كده ايه؟.. مش عارف، أكيد فيه خيط ناقص، والسر ورا اللي بيحصل ده في ايد سعد اللي يعرفهم هم الاتنين، يعني لو اتقبض عليه، القضية كلها هتتحل، وفي وسط مانا بفكر، منصور جابلي علبة السجاير ومعاها الباقي، شوية وعماد جالي، قعد معايا شوية نفكر في القضية، ولما تعبنا، خدت بعضي ورجعت البيت، وبعدها عدى اسبوع والتاني وسعد لقيناه ميت في فيلا كان مشتريها باسم تاني، والغريب إنه مات موته طبيعية، زيه زي كتير في البلد الفترة دي، وده عرفته لما قعدت مع عماد…
تتبع
أنبوب الموت
٢
وبعدها عدى اسبوع والتاني وسعد لقيناه ميت في فيلا كان مشتريها بإسم تاني، والغريب إنه مات موته طبيعية، زيه زي كتير في البلد الفترة دي، وده عرفته لما قعدت مع عماد وقالي:

-والله يا باشا الواحد مابقاش فاهم ايه اللي بيحصل، الناس بتموت بشكل غريب، ولا كإن في سفاح في الجو، بيقتل من غير دليل وراه.

-والله مش بعيدة، ماحدش عارف الدنيا دلوقتي بقى فيها ايه، بس انت ماتعرفش سبب الموضوع ده ممكن يكون ايه؟

-والله ما أعرف، في ناس بتقول إنه فيروس في الجو، وفي ناس تانية بتقول الشعب مابقاش زي زمان، والمناعة الفترة دي مش أحسن حاجة، ما أصل خلاص، جيل السمنة البلدي ابتدى يختفي.

-توء، مش منطقي لأ، يعني ايه عيلة كاملة يموت معظمها عشان المناعة، انا ممكن أرجح فكرة الفيروس دي، لكن المناعة!.. مش داخلة دماغي صراحة.

-والله ياباشا، اللي انا اعرفه انهم في البداية كانوا بيحققوا في موت كل واحد وكمان بيعملوا فحوصات لا يبقى فيروس وهم ماكتشفهوش، والعامل المشترك بينهم كلهم هو جهاز المناعة، لإنه بيكون في أسوأ حلاته، بالتالي أي ميكروب بيضرب الجسم، بيتلف معاه أي عضو جوة، وبس كده، ده كل اللي انا اعرفه، وماحدش عالم غير ربنا، أصل احنا لسه ماكتشفناش كتير في الطب، ومصر ياما شافت، وفي الأخر بنفهم وبتعدي.

-ربنا يستر يا عماد، انا مخلي هبة مراتي وحلم قاعدين في البيت، وانا اللي بجيب الحاجة عشان مايحصلهمش مكروه، ماحدش ضامن ايه اللي ممكن يجرى.

-والله يا باشا انا ابتديت أعمل كده، يعني أخر مشوار روحناه مع نور مراتي كان من اسبوعين، لما وديتهم مدينة الأحلام اللي فتحت جديد، وعلى قد ما المشوار كان بعيد، على قد ما كان يستاهل الصراحة، بالذات لعبة أنبوب السعادة دي، اقسم بالله انت لازم تجربها يا باشا.

-اجرب ايه يا عماد، قول كلام غير ده يا راجل ماتصغرناش.

-دي ملاهي يا باشا، ومش أي ملاهي، دي بيسموها حلم ديزني، على اساس اننا بننافس الأجانب وكده، اما لعبة أنبوب السعادة، فدي حكاية، بيدخلوك جوة انبوب كبير شفاف، بعدها بيضخوا غاز الهليوم جوة الأنبوب، وفي لحظة بتلاقي نفسك بتتزحلق وبتصرخ بصوت رفيع، بعدم اللامؤخذة يعني شبه الكرتون.

-يا راجل عيب عليك وعلى رتبتك، يعني انت عايزني أنا أعمل كده؟

-وماله يا باشا، احنا من حقنا نفك شوية برضه، وعلى فكرة، انا كنت زيك كده، بس المدام اقنعتني، وبصراحة انا اشتريت الكلام، ومن ساعتها وانا في القسم حاجة، والبيت حاجة تانية خالص.

-بقولك ايه يا عماد، الكلام ده مايخشش دماغي وانا مش شاريه، ودلوقتي انا مش فاضي وانت معطلني.

-اللي يريحك يا باشا، انا برضه كنت لسه هتحرك عشان عندي مأمورية، لما اخلصها هكلمك لو محتاج حاجة.

-الله يعينك يا عماد.

وقتها ماكنش ورايا حاجة، بس البيت واحشني وعماد كان هيطول، وعشان كده أول ما مشي، خدت بعضي وطلعت على البيت، قعدت مع هبة شوية وبعدها لعبت مع حلم بنتي، كانت وحشاني هي كمان وبقالي فترة مالعبتش معاها، ووقت ما كنت قاعد معاها، سمعت مذيعة على التلفزيون بتنوه على حاجات مهمة، حاجة بتنبه عنها وزارة الصحة، وهي إن الناس  تحاول تقلل أكل من الشارع، ويبقى فيه مسافات بين الناس في أي مكان عام، وهنفضل على الإجراءات دي لحد ما يعرفوا سبب تزايد الوفيات لإنها بتزيد بمعدل غير طبيعي، وف وقت قصير جدا، وفي وسط مانا مركز مع القرارات، لقيت هبة واقفة قدامي وعايزة تكلمني، قومت سيبت حلم وقعدت معاها:

-مالك.. لاوية بوزك ليك؟

-مش هينفع كده يا عبدالله، انت بتنسى البنت وبتفتكرها كل فين وفين، ده انت يا راجل مافكرتش في يوم، تخرجها خروجة واخدة بس، وكل اللي بتعمله انك بتقعد جنبها ربع ساعة وتخش تنام.

-والمفروض عليا ايه تاني غير اللي انا بعمله؟

-ما هي دي المشكلة، ده لا فرض ولا حتى واجب، دي بنتك وحتة منك، والبت بتكبر وقلبها بيقسى معاها، ده يا راجل لما انا بحاول اخرجها، انت بترفض وبتخاف علينا، طب طالما انت خايف كده، ما تيجي معانا، واهو كلنا نبقى مع بعض ومبسوطين.

-هو بمزاجي يعني؟.. ما انتي شايفة الدنيا برة عاملة ازاي.

-وناس كتير بيخرجوا وبيرجعوا مبسوطين، مافيش الا احنا، قاعدين بين اربع حيطان ومش بنعمل حاجة، واه، البت عيد ميلادها بعد اسبوعين، يا ريت تفكر في كلامي وتخرجها، وانا هوفر عليك، هي نفسها تروح مدينة الأحلام اللي بتسمع عنها في التلفزيون، يعني لو وديتها هناك، اوعدك انها هتنبسط أوي.

في اللحظة دي حسيت إني كنت قاسي على بنتي وانا مش حاسس، بس برضه، انا خايف عليها لا يجرالها حاجة، ماهو اللي انا بشوفه كل يوم في الشغل مش قليل، ده غير الموت اللي بيجي فجأة اليومين دول، وعلى الرغم من كده، إلا اني رديت عليها وقولتلها:

-ماشي، هفكر.

ماكنش ينفع أقول غير كده، لاني ماتعودتش أرد ب أه أو لا، غير لما أفكر في الحاجة مليون مرة، ويمكن ده السبب اللي خلاني أنجح في شغلي، واترقي أسرع من زمايلي اللي حواليا، بس  للأسف، مالحقتش أفكر في كلامها لان جالي خبر هزني، انا عرفت بموت عماد صديقي قبل ما يكون دراعي اليمين، ومش هو بس، دي مراته كمان، ومن الصدمة قعدت يومين في البيت مش قادر أنزل القسم، لحد ما جتلي قضية قتل، وكان لازم أنزل اتابعها بنفسي، ويمكن القضية دي، كانت بداية الحدوتة، لإني أول ما وصلت مسرح الجريمة، سمعت صوت واحد بيزعق، وفي واحدة قاعدة بتعيط وايديها بتترعش، وعشان انا مابحبش الصوت عالي، والعساكر عارفين المعلومة دي، أول ما شافوني الهدوء بقى جزء من المكان، ما عدا صوت الشخص اللي بيزعق، واللي ابتدى يهدى تدريجيا، لحد ما اختفى خالص، ووقتها قولت بصوت عالي:

-ايه اللي بيحصل هنا؟

رد عليا الشخص اللي كان بيزعق بكل برود:

-انت بقى عبدالله الحاتي؟

-عبدالله باشا الحاتي، لو ماكنتش تعرف بس.

-سمير الفيل، أخو القتيل، ومش هسيب حقه غير لما البت الشمال دي تتعدم.

-مش انت اللي تقرر، ولو اتكلمت بالإسلوب ده تاني، هيبقى ليا تصرف مش هيعجبك.

-وايه هو التصرف اللي مش هيعجبني؟.. انا راجل عايز حق اخويا، وكله بالقانون.

من غير ما أرد عليه شاورت لعسكري من العساكر، اتحرك من مكانه وطلع سمير برة، وطبعا وهو طالع فضل يبرطم بالكلام، بس وقتها ماكنتش مهتم بيه، على قد ما كنت مهتم بالأنسة اللي كانت بتبكي أول ما دخلت، لان من خبرتي اللي وصلتني للمكانة اللي انا فيها، الأنسة دي تبقى المتهمة في قتل المرحوم، بس تعرفوا، انا جالي معلومات عن القضية قبل ما أجي، ودلوقتي جه وقت التحريات لما شديت كرسي وقعدت جنب الأنسة:

-عملتي كده ليه يا…

ردت عليا وهي بتبكي:

-صدقة، محسوبتك صدقة، بس أنا.. انا والله ما عملت حاجة، هو حظي في الدنيا اللي رماني هنا.

-وانتي تقربي ايه للمرحوم؟.. وايه سبب وجودك هنا وليه عملتي العملة السودة دي.

-انا ابقى مراته يا باشا.

-مراته؟.. مراته ازاي يعني، بس الاخبار اللي جتلي ماكنش فيها انه متجوز، كل اللي اعرفه ان عنده شغالة، بتيجي كل فترة تنضف البيت وتمشي.

-كلامك مظبوط يا باشا، عشان احنا متجوزين عرفي، ودلوقتي انا حامل منه.

-طب وعملتي كده ليه؟

-عشان غبية، وحظي وحش في الدنيا، الموضوع وما فيه اني من اسبوع وشوية كنت معاه في مدينة الأحلام، فسحني وخرجني، ولعبنا كل اللعب هناك تقريبا، لانه له كلمته وماكناش بنقف طوابير، ولما رجعت معاه البيت، عمل عملته اللي اتجوزني عشانها وروحت، وقتها لقيت اخويا قاعد على السلم ومضروب، سألته مالك، قالي انه مديون لناس تقال أوي، ولو مارجعلهمش فلوسهم، هيقتلوه ومش هيسموا عليه، فرجعت للباشا حبيت على ايده وطلبت منه فلوس، قام ضربني وطردني، قالي انه اتجوزني عشان غرض معين، والورقتين العرفي اللي معاه اهم، طلعهم وقطعهم قدامي، فرجعت البيت وانا مكسورة، لا عارفة اعمل ايه لأخويا، ولا لشرفي اللي ضاع مني، أصل الناس مش هتصدق اني اتجوزت عرفي، وماحدش بيرحم الولايا، وفي يومها، عرفت اني حامل، وقتها قام اخويا قالي بس، دي فرصتنا، ترجعي تحبي على ايديه وتقوليله انك حامل، يرجع يضرب الورقتين، وتحطيله مخدر في الأكل، وبكده هينام لتاني يوم الصبح، وبعد ما ينام، نقوم واخدين الفلوس اللي احنا عايزينها ومعاهم الورقتين اللي هيثبتوا انكوا اتجوزتوا، واللي في بطنك ده يبقى ابنه، وفعلا، رجعتله وحبيت على رجليه وايديه، وهو لما عرف اني حامل خاف على شكله وسمعته، وماكنش قدامه غير انه يضربلي الورقتين على شرط، اني انزل العيل، بعدها نتجوز ويطلقني، قومت وافقت على كلامه، ولما رجع يأمنلي، حطيتله المخدر في الأكل، ومافيش، دقايق وبدأ ينام، وقتها أخويا دخل ولم فلوسه، بس المخدر ماكنش قوي وفاق منه، أو ده اللي انا كنت فاكراه، عشان جسمه كان بيتنفض، ومرة واحدة قطع النفس، من الخضة فضلت اصرخ، فبسرعة قام اخويا جري والجيران اتلموا، بس انا ماهربتش، انا كنت خايفة من اللي عملته، أصل انا والله ما كنت اقصد، انا بس كنت عايزة حقي، وخلاص، انا مش عايزة منه حاجة، منه لله، ضيعني وضيع اخويا معاه.

-وانتي معاكي من المخدر ده دلوقتي؟

-اه يا باشا، موجود في شنطتي اللي جيت بيها.

-تمام، انتي هتستني معانا وهتتحولي على النيابة، لحد ما نتيجة الطب الشرعي تطلع ونشوف ايه سبب الوفاة.

بعدها كملت كلام وانا بقول للعسكري:

-خدها يابني.

بعد ما العسكري خدها، كملت تحريات، وفضلت على الحال ده يومين، لحد ما نتيجة الطب الشرعي طلعت، وعرفنا إن كلام صدقة كله صح، بس لإن مناعة القتيل كانت ضعيفة، فالمخدر كان قوي على الجسم ومات بسببه، وبعد ما اتعرضِت صدقة على النيابة، ماتت في الزنزانة هي كمان من غير ما حد يتعرضلها، وبكده القضية اتقفلت لحين القبض على أخوها، ده إذا ماكنش هو كمان مات، وبس كده، رجعت البيت عشان ارتاح شوية، وقتها هبة وحلم كانوا نايمين، مارضتش اصحيهم ونمت أنا كمان، وتاني يوم الصبح شوفت حلم متضايقة، قربت منها وسألتها مالك، فردت عليا وهي برضه متضايقة:

-انت مابتحبنيش يا عبدالله.

-مابحبكيش، ويا عبدالله، ايه يا ست انتي، والله وكبرتي يامفعوصة.

-ايوة كبرت، وعايزة اتفسح، انا من ساعة ما خدت الاجازة ومش بخرج برة البيت، ولما بقول لماما خرجيني مش بترضى هي كمان، ايه؟.. انتوا مش بتحبوني خالص كده؟

-لا يا ست حلم، مش بنحبك ازاي يعني؟ انا هوديكي المكان اللي انتي عايزاه، كل اللي عليكي انك تشاوري، واحنا تحت امرك يا ستي.

-مدينة الأحلام، عايزة اروحها أوي، ممكن توديهاني؟

-انا مش فاهم ايه موضوع مدينة الأحلام اللي داخل دماغكوا ده، بس حاضر، هوديكوا هناك، لكن على شرط؟

-ايه هو؟

-اننا نسمع الكلام بعد كده، ومانقولش الكلام الوحش بتاع مابحنبكيش ده.. متفقين؟

-متفقين يا عبدالله.

-يا قلب عبدالله.

وفعلا، تاني يوم كنا جهزنا نفسنا وروحنا مدينة الأحلام، ملاهي كبيرة والدنيا زحمة، لدرجة إن ماكنش في مكان نقف فيه، خاصة عند بيت الأحلام ولعبة أنبوب السعادة، وهناك لقيت سليمان العسكري هو وأسرته، واقفين طابور طويل ومستنين دورهم في لعبة أنبوب السعادة، ولإن اللعبة ماكانتش مناسبة لحلم، فماوقفناش الطابور، ولعبنا الألعاب اللي كانت مناسبة لسنها، لكن قبل ما نمشي، هبة طلبت مني تلعب اللعبة دي، في البداية رفضت، وبعد زن منها ومن حلم قولتلهم استنوا هنا، هطلع اشوف هنعدي الطابور ده ازاي وهاجي، وبعد ما طلعت وشوفت اللعبة، ماطمنتش للغاز اللي بيتضخ جوة الأنبوب، وسألت عامل واقف بينظم الطابور.
تتبع.
أنبوب الموت
٣
وبعد ما طلعت وشوفت اللعبة، ماطمنتش للغاز اللي بيتضخ جوة الأنبوب، وسألت عامل واقف بينظم الطابور هناك وقولتله:

-معاك النقيب عبدالله الحاتي، ممكن أعرف ايه الغاز اللي بيتضخ جوة ده؟

رد عليا وهو مبتسم:

-ده يا باشا غاز الهيلوم، غاز غير قابل للإشتعال، مابيولعش يعني، بس انت لو خدت منه نفس، صوتك هيتغير وهيبقى زي ما انت سامع الناس بتصرخ كده، ما هو مش معقولة ده صوتهم الحقيقي يعني.

-طب والغاز ده مافيهوش خطورة؟

-خطورة ازاي يعني، لا طبعًا، ده حتى بص.

طلع انبوبة من جنبة وخد منها نفسه، بعدها كمل كلامه بصوت رفيع:

-بص يا باشا صوتي اتغير ازاي، هو ده بقى غاز الهيلوم، يعني مافيهوش اي حاجة خالص، ولو عايز تخش، فممكن اظبطلك مكان من غير طوابير، وده كله لأجل مصر يا باشا.

-لا يا حبيبي، مصر مش محتاجة خدمة في طابور لعب عيال.

-اللي انت شايفه برضه يا باشا.

سيبته ونزلت، ولما شوفت هبة وحلم قولتلهم بعصبية:

-يلا بينا من هنا، العامل ده قليل الذوق، وانا هعرف اتصرف معاهم كويس، بس مش دلوقتي.

ردت عليا هبة وهي بتهديني:

-مالك بس يا عبدالله؟.. ايه اللي حصل فوق؟

-لما نروح يا هبة، انا مش طايق نفسي دلوقتي، وياريت مانقفلش اليوم على أخره.

وعشان هبة كانت بتحبني، خدت حلم واتحركت معايا، ولما رجعنا البيت، مارضتش تسألني على اللي حصل، بالعكس.. دي شكرتني على اليوم، وقد ايه هي وحلم اتبسطوا بيه، وقتها بس ارتحت وحسيت إن اليوم ماراحش على الفاضي، بس خد بالك، كدبتي دي ماكانتش عشان تزعلهم، ده خوفا عليهم، لإني مش ضامن ايه اللي ممكن يحصلهم بسبب الغاز… وبس، عدى على اليوم ده حوالي اسبوع وكام يوم، وقتها كنت قاعد في المكتب وجمعة العسكري جابلي علبة سجاير، طلعت سيجارة منهم وقولتله:

-ألا سليمان فين؟ مش باين بقاله كام يوم.

-والله يا باشا سليمان تعبان أوي هو مراته وعياله، ادعيله يبقى بخير وينزل من تاني.

-لا ألف سلامة عليه، ده الغالي، وكويس انك قولتلي عشان أبقى أزوره.

-خيرك سابق يا باشا، وقربك من العساكر ده ربنا هيجازيك عليه خير.

-انتوا اخواتي يا جمعة.

وعشان مانساش، روحت لسليمان في نفس اليوم، جبتله شوية فاكهة وخبطت على بابه، واللي فتحتلي كانت بنته الصغيرة اللي سألتها فين بابا، وبعد سؤالي، قامت شاورتلي على الصالة ووقتها سليمان كان بيقول بصوت عالي:

-مين برة يا زينب؟

-ده عمو الظابط يا بابا.

-عمو الظابط.. عمو الظابط مين؟

في اللحظة دي كنت واقف قدامه، أول ما شافني قام من مكانه وهو واضح عليه التعب:

-تعبت نفسك يا باشا، ايه اللي جابك بس؟

-جرا ايه يا سليمان، هي دي نورتني؟

-يا باشا مش القصد، انت تنور في أي حتة وفي أي مكان، أنا بس ماكنتش عايز اتعبك معايا، وانت مابتجيش غير وايدك مليانة، ده غير يعني بعدم اللامؤخذة أخاف أنقلك المرض، ماحدش عالم ايه اللي بيحصل اليومين دول، تحس ان ملك الموت واقف زي القضى المستعجل.

-سيبك انت من الكلام الخايب ده واحكيلي، مالك يا سليمان؟.. ده انت العصب الصعيدي بتاعنا.

-والله يا باشا ما اعرف، من ساعة اليوم اللي اتقابلنا فيه، واتزحلقت على المخروبة دي انا والولية والواد، وانا حاسس اني مش تمام وفي حاجة غلط، لحد ما جسمي ضعف وبقيت زي مانت شايف كده، لا قادر اقوم ولا اجيب كوباية الماية من مكانها، ولولا الست صبرين الله يباركلها، ماكناش هناكل.

-استنى بس يا سليمان وماتخدنيش في الكلام، انت قولت من ساعة ما اتزحلقت من على ايه؟

-انبوبة السعادة دي يا باشا، اللعبة الطين دي اللي طالعة في البخت اليومين دول.

-اه.. قولتلي، طب انت ماتعرفش الملاهي دي بتقفل امتى يا سليمان؟

-اه يا باشا، مصر كلها عارفة، الملاهي بتبطل تدخل حد بعد الساعة خامسة، وعلى ما اللي جوة بيطلعوا، بتبقى الساعة جت تسعة ولا حاجة.

بصيت في ساعتي لقيتها 8 بالدقيقة، فقومت من مكاني وانا بقوله:

-طيب يا سليمان، أنا اتطمنت عليك، ولو عوزت اي حاجة كلمني.

-خيرك سابق يا باشا، بس انت ماشربتش حاجة، والله لا تشرب.

-يا راجل هنخلي الست اللي التعبانة معاكوا تشرب ضيوفك كمان، بلاش.. خليها مرة تانية.

مسك فيا شوية بس عرفت أمشي في الأخر، وبعد ما نزلت من البيت اتصلت بمحسن، قولتله يجي بعربيته ويقابلني على أول الطريق وهو معاه ازازة صغيرة، وقتها سألني عن السبب، بس انا رفضت أقوله أي حاجة قبل ما يجي، وفعلا، ماعداش نص ساعة ومحسن قابلني، ركبت معاه واتحركنا على مدينة الأحلام، وفي الطريق رسيته على كل اللي في دماغي، وإن المكان ده فيه حاجة مش مظبوطة، وعلى الساعة عشرة كده كنا وصلنا، المكان كان فاضي والعمال معظمهم روحوا، مافيش غير الأمن اللي في المكان، ودول أمرهم كان سهل، نطينا من على السور وطلعنا بيت الأحلام، ولحسن حظنا ماكنش فيه أمن هناك، وقتها دخلت أنبوب من الأنابيب عشان اشوف ايه اللي موجود جواها، وكمان عشان اخد عينة جوة الإزازة من الغاز اللي بيضخ، لكن اللي ماكنتش عامله حساب، إن الأنبوب من جوة كان فيه مخرجين مش مخرج واحد، والاتنين كانوا بيطلعوا غاز، ومتوصلين بأنابيب بعيدة، وعشان كان لازم اخد عينه من الاتنين، قولت لمحسن:

-بقولك ايه يا محسن، وانت واقف كده دور على ازازة تانية، شكلنا كده هنقبض على عصابة غفلت البلد كلها.

-ليه بس كده يا عبدالله باشا، احنا ضريناك في حاجة؟

اللي رد عليا ماكنش محسن، ده كان شخص تاني صوته تخين، فبتلقائية بصيت على محسن لقيت اتنين جردات مسكينه ومكتفينه، وقبل ما اطلع السلاح من جيبي، اتنين تانين كانوا مسكوني، والشخص اللي كان بيتكلم وقف قصادي وقالي:

-ليه كده يا عبدالله باشا بس، ماكنش له لزوم إنك تدور ورانا.

-انتوا مين؟

-مش مهم تعرف احنا مين، المهم تعرف إنك بعملتك دي، بوظت خطة عملناها عشان تخدمكوا.

-تموتوا الناس؟.. وبعدين تقول إنكوا بتخدمونا!

-ومش انتوا بس، ده في حتت تانية كتير في العالم، بس البداية كانت من ام الدنيا، مش انتوا بتسموها كده برضه؟

-انتوا واحنا.. ايه؟ انت بتتكلم بصفتك مين بالظبط؟

-مش محتاج أقول عشان تعرف، كفاية انك سمعت عن مشروع المليار الذهبي، ومن هنا جاي اقولك ان دي البداية، عن طريق أنبوب الناس بتخش فيه بإرداتها، مش غصب يعني، واللي اقصده من كلامي، إن هم كمان كانوا متعاونين لتنفيذ المشروع، وبضخ غاز اتصنع جوة معاملنا، قدرنا نهاجم بيه الجهاز المناعي للجسم، لحد ما يوصل لأضعف حالاته، وبكده أي ميكروب أو فيروس بسيط هيقضي على الجسم، وبصراحة العادات اللي كان ماشي عليها معظمكوا، خلت الخطة تنجح وفي أسرع وقت، وكنا خلاص، نشرنا الفكرة وقربنا نوسع المدينة عشان تستقبل بدل الضعف ضعفين، وبكده هنقدر ننفذ مشروعنا في أسرع وقت، بس انت وغيرك قدرتوا تكشفوا الموضوع، وعلى الرغم من كده، إلا اننا مش هنيأس، وقريب أوي هنرجع بمشروع جديد، أقوى وأذكي من أنبوب الموت، أقصد السعادة.

-انتوا لازم تموتوا.

-نموت عشان بنعالج العالم من الفقر والجوع؟.. المكان ده مايسعش العدد اللي احنا وصلناله، وعشان نقدر نعيش كلنا ونتمتع بخيرات المكان اللي احنا فيه، يبقى لازم نضحي بعدد مننا، وهي وحظها بقى، يعني احنا مش مستقصدين ناس بعينهم.

تفيت على وشه وقولتله:

-ملعون ابو ام أفكار إبليس.

رد عليا وهو بيضحك:

-بكرة تعرف إن إبليس دايما كان على حق.

بعدها شاور للجاردات وضربوا عليا نار أنا ومحسن، ولما خلاص حسوا بالخطر، قفلوا مدينة الأحلام ورجعت الأمور طبيعية، وبطريقتهم، قدروا يكتّموا على مدينة الأحلام واللي حصل أيامها، كإنهم غسلوا دماغ الناس، ودي مش أول مرة يعملوا حاجة زي كده،  لكني حاسس بيهم، هم بيخططوا لمشروع ضخم، هيقضوا بيه على نص سكان الكوكب، وكل ده في ظرف شهر واحد بس، أما دلوقتي، جه دورك في إنك توعي الناس يا صالح، لإن سلاحهم اللي بيكسبهم أي حرب، هو إلهاء الشعوب، وغسل عقول الناس.

**

خلص عبدالله قصته وكل حاجة رجعت طبيعية، الباب كان في مكانه وعبدالله ظهر بهيئته، وفي اللحظة دي طلب مني أعمل لايڤ احكي للناس وبعد كده اختفى، وطبعا انا وافقت، بس مش عشان الناس، عشان قصة زي دي هتجيب الملايين من المشاهدات، وأه، أنا بقولها قدامكوا اهو، اللي بيتعمل ده هو طريقة جديد للإلهاء، اللايك والشير والكومنت، حاجات مالهاش قيمة واحنا اللي عملنالها قيمة، وبالعكس، ده احنا كمان بنكسبهم من ورا اللي بنعمله، أما بقى الحاجات اللي هترفعنا وهتعلي من قيمتنا بجد، بقينا بنقول عليها دقة وقدمت، وأخر حاجة لازم أقولها، إن الإنسان أخطر عدو لنفسه.

**

ده كان لايڤ عمله صالح الغنيمي، وفي ظرف عشر دقايق سجل أعلى مشاهدات في تاريخ الأبلكيشن، بس الغريب ان في نهاية اللايڤ كل حاجة اتمسحت، وبدل ما العالم يحكي عن اللي حصل.. الموضوع اتكتم عليه، ومش بس كده، ده صالح اختفى وماحدش عارف هو راح فين، بس الأكيد إنهم اتخلصوا منه زي ماتخلصوا من غيره، ومش بعيد يكون الدور عليا انا كمان، ومش انا وبس، انا وكل اللي هيحاول يتكلم ويفضح حقيقتهم، اللي بالمناسبة واضحة قدام العالم، بس هم اللي مغميين عينيهم، ومش هم بس، احنا كمان بنساعدهم على كل ده، ومش بسكوتنا، ده بجشعنا اللي بقى مالي قلوبنا وبتكديبنا لفكرة انهم موجودين.. خد بالك.. هم موجودين وراجعين بمشاريع تانية، مشاريع اقوى من انبوب الموت.
تمت بحمد الله.
#أندرو_شريف

أنبوب_الموت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى